دور المرأة في ريادة الأعمال في المنطقة العربية

 

مفهوم المرأة الريادية:

لقد تم أخذ كلمة الريادة عن الفعل الفرنسي (Enterprendre) والذي يعني القيام، وبالتالي فإن ريادة الأعمال تعني قيام الشخص بإنشاء عمل تجاري أو مؤسسة بحيث يكون هو المؤسس المبدع أو المبتكر، والشخص الريادي هو الذي يتصف بالثقة بالنفس، وتحمل المخاطر والنتائج الموجهة، والمستقبل الموجه، والأصالة والقيادة.

مع بداية دخول المرأة لسوق العمل في أواخر السبعينيات بدأ مفهوم المرأة الريادية أن يحظى بالاهتمام وبعدها بدأت العديد من الدراسات تركز على المشروعات الصغيرة التي تتم إدارتها من قبل المرأة. وقد تم تعريف المرأة الريادية بأنها المرأة التي تقوم باستخدام كافة مصادرها ومعرفتها لخلق عدد من الفرص التجارية الجديدة والعمل على تطويرها، كما انه قد تعريفها كذلك على أنها كل امرأة تقوم بالمشاركة في إدارة أعمالها وتمتلك على الأقل نحو 50% من الأنشطة التجارية، كما أنها تقوم بممارسة النشاط لفترة تقارب السنة.

أهم سمات المرأة الريادية:

  • فاعلا اقتصاديا: لأن اعمالها ترتبط بالعديد من الأنشطة التجارية والخدمية التي لها علاقة بشكل أساسي بالعملية الإنتاجية وبيع السلع وتوزيعها فإنها تستحدث فرص عمل جديدة ويكون لها دور في الناتج المحلي الوطني.
  • متحملة للمخاطر: يعتبر الخطر من العناصر الأساسية التي لا تنفصل عن ريادة الأعمال. والمرأة الريادية هي التي تقوم ببدء مشروعها الاقتصادي مع وجود احتمالات للخسارة حتى وإن كانت منخفضة.
  • ديناميكية: وتعني استجابتها ومواكبتها لمختلف التغييرات التي يمكن أن تحدث في بيئة العمل. استغلالها للفرص الجديدة التي تظهر أمامها.
  • مبتكرة ومبدعة: تقديم طرق جديدة في عملية الإنتاج وفي تقديم السلع والخدمات، تطويرها لمنتجات موجودة حالية أو ابتكار منتج جديد أو استهدافها سوق جديدة.

ريادة الأعمال فرصة للمرأة العربية في المنطقة:

من أهم الأسباب الكامنة وراء اختيار المرأة لريادة الاعمال الرغبة في الاستقلالية المادية ورفع مكانتها المجتمعية ويساهم التمييز بين الجنسين في سوق العمل من خلال سياسات الشركات أو في عملية التوظيف، في دفع المرأة لإطلاق عملها الخاص. وأيضا من الأسباب الاخرى رغبتها في دعم زوجها وعائلتها، ولأنها تحصل على المرونة والموازنة بين عملها الخاص ومسؤوليات الرعاية. ولطالما تجاهل سوق العمل، سواء في القطاع الخاص أو العام، مسؤوليات الرعاية غير المدفوعة الأجر للمرأة. وبالتالي غالبا ما تستخدم ريادة الأعمال في المنطقة العربية كآلية للتغلب على التحديات التي تواجه المرأة في سوق العمل والمتعلقة بعدم مرونة أصحاب العمل معها.

وتقوم ريادة الاعمال بمنح المرأة حرية تحديد الأولويات وتنظيم وقتها وواجباتها واختيار الأنشطة التي تناسب أفضلياتها الشخصية.

دور المرأة في ريادة الأعمال في منطقة الشرق الأوسط:

وفقا لتقرير المرصد العالمي لريادة الاعمال 2018/2019 حول دور المرأة في ريادة الأعمال، بلغ متوسط النساء اللواتي لديهن نوايا في إطلاق مشروع في غضون ثلاث سنوات 17.6%، أي أقل بحوالي أربع نقاط من متوسط الرجال (21.7%).

وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تبلغ نسبة النساء ممن لديهن نوايا في ريادة الاعمال 36.6% وهي واحدة من أصغر الفجوات الإقليمية بين الجنسين في نوايا البدء بمشروع (39.2% للرجال). وتدعم هذه الفرضيات أن المرأة في المنطقة متحمسة لدخول مجال الأعمال، غير أنها تواجه عقبات كبيرة.

وتوضح البيانات المستمدة من مسح البنك الدولي على مستوى الشركات، أنه عندما تكون 35.9% من الشركات عالميا تملك النساء فيها الأغلبية، تبلغ النسبة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 24.8%، مقارنة بشرق آسيا والمحيط الهادئ حيث تبلغ النسبة 52.7%.  وتتمتّع بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمعدّل مماثل لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بنسبة 24 %.

ولمجرد أن تقتصر الفئة على غالبية الشركات المملوكة من النساء، تنخفض النسبة كثيرا. وعلى الصعيد العالمي، توضح ّ التقديرات أن حوالي 14.3% من الشركات هي شركات تملك النساء فيها الأغلبية، لكن المعدّل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفقا للبنك الدولي، هو أقل بكثير بنسبة 3.5%.  وعند ّ التمعن في الشركات التي تمتلك النساء فيها الأغلبية تشكل جيبوتي المعدّل الأعلى ( 10 % ) ، يليها لبنان وتونس ( 7 % ). وفي الطرف الآخر، هناك البلدان التي تشهد صراعات. عندما يتّسع نطاق التعريف ليشمل الشركات المملوكة من النساء، تحتل تونس ولبنان المرتبتين الأولى والثانية، حيث أفادت 52 % و37 %من الشركات على التوالي بأن بعضها مملوك من النساء. أما الترتيب الأعلى التالي، فهو المغرب ( 27 % ). ولا يزال السودان واليمن في المرتبة الأخيرة.

ويلاحظ فوراق بين المشاريع المملوكة والتي تدارمن قبل النساء والرجال في المنطقة. فتركز أعمال النساء أكثر على الأنشطة الشخصية والموجهة نحو المستهلك، مثل الصحة والجمال ( بدلا من الخدمات المتعلقة بالأعمال، مثل المحاسبة والأنشطة الإنتاجية التي تستخدم التكنولوجيا).

التحديات التي تواجه المرأة الريادية بشكل عام:

 

  1. الحصول على تمويل: عادة تبدأ النساء مشاريعها برأس مال صغير مقارنة بالرجال، وتركز بعض النساء على القيام بمشاريع صغيرة مقارنة بالتي يأسسها ويديرها الرجال، وهذا يؤثر سلبا على النمو والاستمرار، وأيضا صعوبة حصولها على التمويل والدعم الخارجي تعد من العراقيل في بداية إقامتها لمشاريعها.

 

  1. الوصول إلى السوق: نقص الخبرة الفعلية حول تسويق المنتجات والخدمات داخل السوق، قلة المعرفة حول احتياجات الأسواق، إقامة العلاقات التجارية في هذه الأسواق يعتبر أمرا مكلفا للغاية، فضلا عن أنواع التحرش التي تتعرض له المرأة أثناء محاولتها لإقامة علاقات داخل هذه الأسواق، صعوبة في دخول الأسواق العالمية.

 

  1. الوصول للتعليم: إن عدم وصول العديد من النساء لمستويات التعليم العالي والتدريب اللازم يجعلها بعيدة عن المهارات التي تساعدها على تطوير عملها التجاري، حيث إن تحقيق أداء أفضل في السوق التي تدخل فيها المرأة الريادية يتطلب منها مستوى عالي من التعليم.

 

  1. الوصول للشبكات وصناع القرار: إن فكرة التمييز على أساس الجنس وعدم قدرة المرأة على المساومة وكذلك عدم القدرة على التعامل مع الحكومة البيروقراطية يجعل النساء الرياديات تواجه صعوبة في تكوين شبكة تواصل واسعة، وأيضا هناك سيطرة من قبل الرجال على الشبكات المتواجدة في السوق، وهم لا يسمحون بدخول المرأة ضمنها. وتواجه أيضا العديد من السيدات صعوبة في التواصل مع صانعي القرارات والهيئات السياسية حيث إنها لا تتمكن من إقامة علاقات مستدامة مع صانعي القرار على المستوى المحلي أو على مستوى الدولة.

 

السياسات الخاصة بتشجيع العمل النسائي في مجال ريادة الأعمال:

  • إن الخطوات الأولى التي يجب اتباعها بتشجيع العمل النسائي في مجال ريادة الأعمال هو توفير البيئة القانونية والتشريعية التي تضمن حقوق المرأة مقارنة بالرجل في سوق العمل، حيث ان هذا الأمر يساعد النساء على المطالبة بالحقوق الاقتصادية وزيادة قدرتهن على العمل.
  • الحفاظ على حرية المرأة في اختيار مجال عملها ومهنتها التي ترغب في الدخول فيه، حيث يتيح لها القيام بمشاريعها الخاصة كما ترغب وبالتالي ريادة أعمال.
  • العمل على توعية المرأة بحقوقها الاقتصادية والقانونية في سوق العمل عبر ندوات ومؤتمرات مختلفة مجانية.
  • تعزيز قدرة النساء على التحكم في مواردهن بشكل مباشر من خلال تسهيل الأمور المتعلقة بالأنشطة التجارية. لابد من العمل على تحقيق التكافؤ فيما يتعلق بالحصول على العمل مقابل الأجور والوصول إلى أسواق العمل وكذلك الانتقال لمشاريع ذات قيمة مضافة.
  • تعليم ريادة الاعمال للفتيات ما قبل التعليم الجامعي.
  • تنمية ثقافة العمل الحر الذي يوفر مزايا تناسب كل امرأة تطمح بالعمل والحصول على دخل.

 

Leave a Comment